دأبت الكثير من الوسائل الإعلامية العربية منذ
الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة على أسلوب ماكر يستهدف التركيز على الأضرار
الناتجة عن الانتفاضة والمعاناة التي يعانيها الشعب المسلم في فلسطين، دون
إبراز لمظاهر الهزيمة والضعف في جانب العدو، وأصبح مسلسل الأحداث محفوظاً
في عقولنا، حتى أصبحنا نحفظ قولهم: (وفي رد للقوات الإسرائيلية على العملية
"الاستشهادية" توغلت أو قصفت.......) ثم هي الآن الوسائل نفسها تركز على
تلك الأضرار في العراق، دون أن نسمع عن الخسائر الحقيقية للأعداء المحتلين،
وفضائحهم العسكرية والسياسية والاقتصادية، أو نسمع وسائل إعلامنا وهي تؤلب
الرأي العام العالمي ضد المحتل "الطامع".
الخيط الرفيع الذي يجمع
بين تلك التغطيات والمعالجات الإعلامية كما أراد الله _سبحانه وتعالى_ أن
ينكشف مع أحداث الفلوجة، هو: الإيحاء إلى جماهير الأمة أن الجهاد
والمجاهدين هم سبب ذلك الدمار، حتى باتت فئام من المسلمين تستسيغ الذلة
والمهانة ليس من عامتهم فقط وإنما حتى ممن يحسبون على علمائها.
إن
المتأمل في أخبار الفلوجة المقروء والمرئي يلحظ أن هناك إطاراً عاماً
يجمعها، وفكرة محورية تدور حولها وهي –كما تبين- تجريم المجاهدين، ولا يقف
الأمر عند هذا الحد، بل يلحظ اتساق بين هذه الأخبار وبين المعالجات لهذه
القضية حول الفكرة نفسها سواء في الحوارات أو المقالات أو التصريحات أو حتى
الفتاوى الشرعية.
هذه الفكرة المحورية –تجريم الجهاد- التي تلتقي
حولها مضامين الكثير من هذه الوسائل هي الجريمة الكبرى والخيانة العظمى
للأمة من إعلامها الذي لم تعد تعرف من يقف خلفه ويحركه، والخلاف القائم
الآن حول جهاد الفلوجة ثمرة من ثمار خيانة بعض القيادات الإعلامية العربية
وعدائهم المقيت للجهاد الحق في العراق وما تجده هذه الفكرة ومن الدعم
والتكرار والتوحد في وسائلهم، مما قد يطيل ليل الذلة والخضوع إلا أن يشاء
الله _سبحانه_ ، فهو القوي العزيز.