لماذا تغتالوا (الحبوبي) في الانبار؟
كتابات - اللواء الركن / د.نوري غافل الدليمي
ما كان السيد قاسم محمد عبد الدليمي سياسيا أبدا... كان ولا يزال عراقيا عربيا مسلما...يعتز بأصالته وعراقته وعروبته وإسلامه...كان مهندسا بارعا ورائعا حصل على تعليم هندسي في أرقى الجامعات العالمية في ألمانيا...كان إداريا ناجحا تدرج في المناصب إلى أن وصل درجة مدير عام...مشاريعه التي أدارها كانت ناجحة بامتياز...عمل في ظروف الحصار الجائر في منشئات ومعامل التصنيع العسكري والمعامل الصناعية...كان مبدعا لم يتوقف عنده عمل أو معمل بسبب نقص قطع غيار أو مواد احتياطية على الإطلاق...كان محبوبا من قبل جميع العاملين معه...محترما ومحبوبا من أهله وعشيرته وقبيلته..
هذا هو حال المهندس قاسم محمد قبل احتلال العراق.....
وبعد الاحتلال ...كان من اشد الرافضين للاحتلال...كان من اشد المدافعين عن العراق... ومن الحريصين على التواصل مع رفاقه الذين عملوا معه أو عمل معهم في حياته العملية...لم يلتقي المحتلين الأمريكان...ولم يقدم نفسه لهم...ومن اجل أن لا يتلطخ تاريخه ،فقد هاجر إلى دولة الإمارات وبدا عمله مهندسا وأسس شركة يديرها بنفسه... وسمعته وسلوكه رائعان.....
لم يشترك المهندس قاسم محمد عبد الدليمي بأي تكتل أو حزب أو حركة إطلاقا... ولم يرجع للعراق منذ الاحتلال..ولم يلتقي أمريكيا واحدا... بل ولم يلتقي حكوميا واحدا... لم ينطق كلمة إرهاب وغيرها من مصطلحات الاحتلال... ولم يكن عضوا في مجالس الإسناد... ولم يكن عضوا في مؤتمر الصحوة... ولم... ولم....
ولكن بسبب سمعته وكفاءته ونزاهته...تردد اسمه ضمن قوائم التغيير الوزاري الذي تحدثوا عنه عام 2008 ولم يحصل...وبعد انتخابات مجالس المحافظات( والتي لم يشترك بها أساسا)...وبعد أن أراد أهلنا في كربلاء المقدسة اختيار السيد (الحبوبي) محافظا مستقلا ... رد أهل الانبار بأنهم أيضا يريدوا محافظا مستقلا وإداريا جيدا ومهندسا متميزا ...فطرح أهل الانبار اسم المهندس قاسم محمد عبد محافظا ليكون( حبوبي الانبار)... ورغم كثرة المرشحين من كتل مشاركة في الحكومة ومجالس المحافظات إلا أن الرأي السائد العام كان يريد ويفضل المهندس قاسم وتم اختياره فعلا...
قد يقول البعض أن المهندس قاسم محمد عبد تربطه علاقة بالشيخ احمد أبو ريشة رئيس مؤتمر الصحوة؟ أقول نعم انه كان على علاقة وطيدة... ربما يكون بينهم شراكة عمل مثلا( وأنا والله في الإمارات ولا اعرف على وجه الدقة إن كانت هناك علاقات عمل تجاري أم لا)... لكنني أؤكد أن السيد قاسم لم يكن على الإطلاق جزءا من أي عمل أو تكتل أو تحزب سياسي....
قلت ... ما سمعت المهندس قاسم في يوم من الأيام يتكلم عن الإرهاب أو القاعدة أو الطائفية أو الحزبية...لكن كان يتكلم عن مصطلح واحد اسمه( الأعمار وتحرير العراق)...
كانت طموحاته في إعادة اعمار الانبار لا توصف... وكانت أحلامه وطروحاته يخيل للبعض انها مجرد( أحلام وتمنيات) ولكنه عندما يضع لك الحقائق والمنطلقات والبيانات تجد أن الرجل مملوءا ( فكرا وطموحا)...تراه يتحدث عن الصحراء الغربية... وكيفية تحويلها إلى واحات خضراء... وكيف يمنع العواصف الرملية من الغرب... وكيف يؤمن السكن للمواطنين... وكيف يبني المدن النموذجية... وكيف يقضي على البطالة...وكيف يستثمر النفط والغاز....وكيف يبني المصانع والمزارع ليعالج البطالة... وكيف يرتقي ببناء المدارس والجامعات ودور الأيتام... وكيف وكيف من الطموحات...
كان من اشد المتأثرين في نماذج الأعمار والبناء والخدمات والنظام في دولة الإمارات...وكان يطمح ببناء شيء منها في الانبار...
المهندس والمحافظ قاسم محمد عبد الدليمي لم يشترك في مقاتلة القاعدة... ولم يتطرق في كل مقابلاته إلى (مصطلحات الإرهاب والذبح والسلخ والقتل والتدمير)... ولم يتنافس مع الأحزاب العاملة في ساحة الانبار أو العراق... ولم يَنظم أو يتحيز لكتلة أو حزب أو جهة لصالح أخرى... ولم يكن في خزينته في الانبار أموال عندما استلم المحافظة كي يُتهم بأنه أعطاها لهذه الجهة أو تلك... كان ينتظر الموازنة الجديدة كي ينطلق بمشاريع عمرانية أو استثمارية...
بعد كل هذه الحقائق... هل يعلم الذين أرادوا اغتياله كم صرف عليه العراق من الدولارات خلال دراسته وشهاداته لكي يصنع منه مواطنا عراقيا كفوءا وبَناءاً؟... وهل يعلموا كم بذل هذا العراقي (القروي) من جهد ودراسة حتى يحصل على شهاداته وخبراته؟....وهل يعلموا أن المهندس قاسم محمد عبد لم يكن بحاجة إلى الدولارات والأموال لأن ما لديه في عمله في الإمارات يكفيه وأولاده للعيش معززا مكرما؟... وهل يعلموا أن القصد الأساسي من وراء قبوله بالمنصب هو خدمة أهله وبلده وليس غير؟... وهل يعلموا انه من اشد الكارهين للاحتلال وأفعاله...بل ويشعر بأشد الحرج عندما يلتقي بوجه واحدا منهم للضرورات الملحة أحيانا في مؤتمرات الأعمار والاستثمار....
عندما يتحدث البعض عن ضرورة عودة الكفاءات العراقية من الخارج للمساهمة في اعمار وتحرير العراق...وعندما يتحدثوا عن ضرورة تولي العناصر المستقلة والكفوءة للمناصب في العراق... وعندما يتحدثوا عن (التكنوقراط).. . فمحافظ الانبار قاسم محمد العبد يمثل كل ذلك..
وأخيرا فالسؤال الذي نطرحه...إذاً لماذا تغتالوا هكذا شخصية لم يؤذي (نملة) في حياته؟ بل لماذا تغتالون ( حبوبي الانبار)؟